خاطرة بدون عنوان
سحبت الكرسي عل مضض وجلست خلف مكتبها بهدوء ، لم تسمع طأطأة مشيتها التي يهتز لها الممر ،حتى التحية التي عودت الجميع عليها لم تلقها كعادتها ، أخذت ترتشف فهوتها الصباحية وهي ساكنة خامدة،عينان شاخصتان كأنها تحذق في لوحة تشكيلية محاولة فك رموزها وشخبطة ألوانها ،كانت هائمة في ملكوت غير الملكوت ،في وجود غير الوجود ، حاضرة غائبة ، لم تسأل عن الجديد في العمل خصوصا وأننا كنا في عطلة ، لم تتصفح البريد اليومي ، حتى الأوراق المتراكمة على مكتبها لم تحاول الإطلاع عليها أو ترتيبها ، وهي التي تنظم عملها وتدقق في أدق التفاصيل ، لا تمل من العمل ،هناك من وصفها بشجرة الزيتون التي تغدق على صاحبها رغم الضربات المبرحة التي تتلقاها.
استغربت وما زاد غرابتي هو أنها لم تحدد جدول العمل اليومي ، لم يسبق لي أن رأيتها على هذه الحال ،سألتها :هل أنت بخير؟ هل البنات بعافية ؟ هل زوجك بصحة جيدة ؟
لا مجيب، فهذا هو ثالوثها المقدس بعد الله سبحانه عاشت وتعيش لهم ،خندقت نفسها في حياتهم ، ذابت ذاتها في ذواتهم وأصبحت عدما ، حتى الأهل والأقارب ابتعدت عنهم لأنها نالت من الضربات منهم واللسعات ما أفقدها الإحساس بالعائلة والأقارب والأهل والسند والعزوة ، فنجاح ثالوثها من نجاحها وفشله من فشلها ،ازداد قلقي وحيرتي سألتها بصوت ملجلج: ما الخطب ؟ ماذا حدث ؟
نظرت إلي وقالت :
لماذا الكذب ؟لماذا النفاق؟ لماذا انعدام الضمير ؟ لماذا الجحود: لماذا الخيانة حتى من أقرب أقرب الناس إليك أولئك الذين يدعون الإصلاح والتمسك بالقيم والمبادئ المصنفون في نخبة المثقفين ؟ لماذا السرقة ؟لماذا الأنانية ؟ لماذا الانحلال الخلقي ؟ لماذا الغدر؟ لماذا ألا مبالاة؟ لماذا عدم الإحساس بالآخرين؟ لماذا الخديعة؟ انهالت علي بمجموعة لماذا ...لماذا ....بعصبية كأنها بركان ثائر انفجر، واسترسلت في القول هل العيب في أم في الآخرين هل أنا في زمن غير زماني أم أعيش في مدينة صنعتها لنفسي ؟
أجبتها بصوت منخفض على مضض: إنها أزمة قيم ،إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
أم الزهراء شيماء
12 أبريل 2012 على الساعة الثالثة صباحا